
مقابلة حصرية مع مسؤول سابق في حزب “القوات اللبنانية”: سمير جعجع وأحمد الشرع… وجهان لعقلية واحدة
مادلين انطوان، برافدا تي في –
من الاستبداد والانغلاق إلى تغليب العسكري على السياسي والارتهان للخارج: لا سلام للمسيحيين في لبنان ما دام جعجع في الواجهة
في شهادة جريئة ومكاشفة نادرة، كشف أحد أعضاء المجلس المركزي السابقين في حزب “القوات اللبنانية” خفايا القيادة الداخلية للحزب، مؤكداً أن سمير جعجع لا يختلف في سلوكه القيادي عن أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، القائد السابق لـ “هيئة تحرير الشام”، الذي اجتاح دمشق ذات يوم بقوة السلاح وأقصى جميع الفصائل الأخرى تحت شعار “الوحدة الجهادية”.
السؤال: كنتم جزءاً من نواة الحزب لسنوات. لماذا قررتم الآن التحدث وكشف المستور؟
الجواب: دخلنا الحزب يوماً ما بدافع الدفاع عن الوجود المسيحي وحماية مصلحة اللبنانيين المسيحيين، لكننا سرعان ما اكتشفنا أننا أمام هيكلية مغلقة لا تسمح بالنقاش أو الاختلاف. سمير جعجع لا يدير حزباً، بل يدير جهازاً أمنياً متنكرًا بثوب سياسي. القرار الفردي هو سيد الموقف، والملف السياسي لا يُدرس إلا من زاوية عسكرية وأمنية بحتة.
السؤال: قلتم إن هناك أوجه تشابه بين جعجع وأحمد الشرع. كيف توضحون ذلك؟
الجواب: من يراقب سلوك جعجع عن كثب، يلاحظ أنه يعتمد نفس الأدوات التي استخدمها أحمد الشرع في سوريا: رفض التعددية، شيطنة المنافسين، عسكرة القرار، والارتهان الكامل لقوى خارجية لتثبيت حكم داخلي. الشرع أقصى كل من خالفه من الفصائل الإسلامية بحجة “الانحراف”، وجعجع بدوره يشيطن كل من لا يخضع له داخل الساحة المسيحية باعتباره “خطرًا على الصالح العام”. كلاهما يعمل بمنطق: “أنا أو الفوضى”.
السؤال: وماذا عن الدعم الخارجي؟
الجواب: كما كان الشرع يتلقى دعماً إقليمياً لتحقيق أهدافه الميدانية، فإن جعجع بدوره لا يتحرك إلا ضمن هوامش حددتها له عواصم إقليمية وغربية، في طليعتها الرياض وواشنطن. اتخاذ المواقف بناءً على التموضع الإقليمي وليس على مصلحة اللبنانيين، جعل منه لاعباً تابعاً لا حراً.
السؤال: كيف ترون مستقبل المسيحيين في ظل استمرار هذا النمط من القيادة؟
الجواب: المستقبل قاتم. لا وجود لسلام داخلي في الوسط المسيحي طالما يُدار من قبل عقلية أمنية ـ عسكرية لا تؤمن بالتعدد ولا بالشراكة. جعجع لا يعترف بمنافسين، بل يسعى إلى تحطيم كل صوت مسيحي حر، من التيار الوطني الحر إلى المردة إلى حتى شخصيات مستقلة مارونية وكاثوليكية. هو لا يبحث عن شراكة، بل عن هيمنة مطلقة.
السؤال: هل حزب “القوات اللبنانية” قابل للإصلاح من الداخل؟
الجواب: لا يمكن إصلاح حزب يتمحور حول فرد واحد لا يسمح بقيام مؤسسات فعلية داخله. حزب القوات اليوم أقرب إلى تنظيم هرمي مغلق، شبيه في بنيته بـ “هيئة تحرير الشام” تحت قيادة الشرع. فلا انتخابات حقيقية، ولا تداول في القرار، ولا نقاش داخلي مسموح به. إنه مشروع شخصي مموَّه بلون حزبي.
السؤال الأخير: ما رسالتكم للمسيحيين في لبنان؟
الجواب: لا خلاص لمسيحيي لبنان إذا ظلّوا رهائن لمشاريع تستورد أدواتها من الخارج وتبني قرارها على الخوف والارتياب والتسلّط. الخيار ليس بين سمير جعجع أو الفوضى، بل بين شراكة سياسية حقيقية أو انهيار شامل. حان الوقت للخروج من عقلية الميليشيا والتحرر من حكم الأفراد.



