بعلبك
المدينة البقاعية الأجمل على الإطلاق
إن كنت غارقًا في سواد ليلٍ دامس، فارمِ بنظرك إلى “مدينة الشمس” تلك كما أسماها الرومان. موقع “بعلبك”، المدينة اللبنانية وسط سهل البقاع المشهور جعلها محط رحال العديد من الحضارات والديانات السماوية، ومحط رحالنا في جولتنا هذه.
جغرافيا المدينة ومناخها
تقع مدينة بعلبك على بعد 45 كلم من زحلة، وتبعد عن شرق “بيروت” مسافة (85) كم. وهي تتبع إداريًا لمحافظة البقاع وقضاء بعلبك، وتبلغ مساحة أراضيها 37.420 كم²، كما ترتفع عن مستوى سطح البحر 1170 مترًا.
استغرقت رحلتنا قرابة الساعتين من بيروت إلى بعلبك. عبرنا من بيروت إلى الحازمية، الكحالة، عاريا، بحمدون، صوفر، ضهر البيدر، شتورا، تعلبايا، أوتستراد شتورا – زحلة، معلقة، فرزل، تل عمارة، دوريس، إلى أن وصلنا إلى بعلبك. إذا قررت الذهاب في رحلةٍ مشابهة، فعليك أن تأخذ معك أغراضًا خاصةً للنزهة تراعي الأحوال الجوية.
طقس البقاع البارد بشدة والمثلج في الشتاء، لن يرحمك من شدة البرودة. لذا عليك بتزويد سيارتك بالسلاسل الحديدية، وأن تلبس ثيابًا شتوية تقيك من برودة الثلج.
وصيف بعلبك الحار لن يرحمك من حرارة الشمس المرتفعة. قبعة تقيك حر الشمس، وزجاجة مياه باردة، ونظارة شمسية، هي كل ما ستحتاجه في رحلتك الى بعلبك في يومٍ صيفي حارق.
معالم وآثار بعلبك
هنا في أول المدينة تستقبلك قبة ذهبية شامخة تعود لمقام سيدةٍ جليلة اسمها “خولة” يقال أنها من نسل خاتم الرسل محمد. وهناك الى يسار المقام، معابد قديمة لجوبيتير وباخوس وفينوس، ومعابد رومانية أخرى شمخت أعمدتها عاليًا في السماء حتى طالت علواً شاهقًا. كلفة الدخول إلى قلعة بعلبك لا تتجاوز ال15 ألف ل.ل. لغير اللبنانيين، و10 آلاف ليرة للبنانيين.
وما يميز هذه المدينة أيضًا، أصوات صداحة لأجراس الكنائس، وحضور لمنازل عثمانية فاخرة تحتوي على بعض الآثار والأثاث. وإلى جانبها آثار تركها الفينيقيون، لتصبح مدينة بعلبك شاهدةً على حضارات توالت عبر التاريخ. حقًا المكان يستحق أن تصطحب معك كاميرتك الخاصة لالتقاط بعض الصور التذكارية !!
أحياء بعلبك وأسواقها
وبين أحيائها، كحي الشراونة وحي الشيخ حبيب وغيرها من الأحياء، أسواقٌ عديدة تعددت منتجاتها كالذهب واللحوم والخضار وغيرها من المنتجات والأرزاق، وأفرانٌ فاحت منها رائحة “الصفيحة البعلبكية” وغيرها من المخبوزات.
إن كنت عاشقًا للورود والنباتات فما عليك إلا أن تقصد ذاك المتجر الصغير. يركن إلى يسار طريقك إلى السوق درجٌ صغير يمتد نحو الطابق إلى أسفل. وفي نهاية هذا الدرج متجرٌ صغير يفترش أمامه أنواعاً وأشكالاً من الورود والنباتات التي يبهرك جمالها وخضرتها.
وما إن تلتف خارج السوق الشعبي القديم، متجهاً إلى ناحية مرجة “رأس العين“، تستقبلك المحال التجارية والاستراحات والمطاعم الفاخرة على يمين الطريق ويسرته. وإلى يسار الشارع نبع ماء غزير يزين المكان. إلى أن تصل إلى مطعم يزينه لون أحمر كثيف، لعل شبابيكه والورود المفروشة أمامه احمرت خجلاً من شمس هذه المدينة التي تكاد تلامس أرض بعلبكّ !
وإلى اليسار أيضاً، تستقبلك أشجار عالية، إلى أن تصل إلى مرجة رأس العين، المنتزه الذي يستقبل كل زائر ووافد. وفي نهاية الشارع نفسه، بضعة آثار لمسجد موضع رأس حفيد الرسول محمد. كان ولا يزال مقصداً ومزاراً للعديد من رواد السياحة الدينية إلى هذه المدينة من مختلف أنحاء الدول العربية المجاورة. إلى جانب استقبالها السنوي لمهرجانات بعلبك الدولية التي تتضمن العديد من النشاطات الثقافية الفنية.
كرم البقاع وضيافته
كرم أهل بعلبك وضيافتهم لم يسمح لمسنةٍ تعرفنا عليها هناك إلا أن تأخذنا في زيارةٍ إلى منزلها واستضافتنا تلك الليلة. الفنادق الحديثة موجودة في كل مكان هناك إن كنت تريد المبيت لليلةٍ أو لبضع ليالٍ. استقبلتنا بعشاءٍ فاخر يتناسب مع طبيعة المكان. ” ما في شي من قيمتكن، غلوة كشك، وشوية كشك أخضر وأمبريس ومكدوس، وبيض مقلي بقاورما”، قالت المرأة المسنة.
ولمن لا يعرف الكشك البقاعي، فهو عبارةٌ عن خليطٍ متخمّر من اللبن الحامض والبرغل، يصار إلى “سطحه” (بحسب تعبير المسنة) في وجه الشمس، وتيبيسه وطحنه ونخله. أما الأمبريس، فهو شبيهٌ ب “اللبنة”، لكنه يتميز بحموضته. وبالنسبة للقاورما، فهي لحم غنمٍ مملح يطبخ مسبقًا بالدهن، ثم يستعمل في الطبخ في القرى البقاعية. وبالنسبة للمكدوس البقاعي، فهو باذنجان يحشى بالجوز والثوم والفلفل الحلو والحار، ويكبس في زيت الزيتون. إذا زرت مدينة بعلبك فعليك تجربة هذه الأكلات، لأنك لن تنسى مذاقها الرائع !!