غزة… هنا تسطر أنصع صفحات التاريخ وأكبر أكاليل المجد
بقلم: د. سمير الددا
غزة… هنا تسطر أنصع صفحات التاريخ وأكبر أكاليل المجد
بقلم: د. سمير الددا
شهد الصراع الفلسطيني الصهيوني ميلاد وقائع وحقائق تاريخية وغير مسبوقة سيكون لها اثرها الهائل على منحى هذا الصراع, لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني تدور معارك عسكرية في داخل الكيان الصهيوني وفي اكثر اماكنه تحصناً, ليس في مدنه وشوارعه فحسب بل في قلب ثكناته العسكرية, بخلاف كل المعارك والحروب السابقة التي خاضها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والدول العربية والتي جرت كلها في اراضي تلك الدول وبعيداً عن الصهاينة واماكن تجمعهم…..اليوم الامر يختلف وهذا ما سيكون له تداعيات لن يدركها الا من يعرف طبيعة التركيبة الديمغرافية للكيان الصهيوني بما في ذلك دوافع هؤلاء الصهاينة لترك بلدانهم الاصلية في اوروبا وامريكا وغيرها والقدوم الى فلسطين والتي في حقيقتها هي دوافع اقتصادية بحتة…ما يفقد الحكومة الصهيونية صوابها اليوم ان ما جرى اليوم سيدفع هؤلاء الغاصبين القادمين من أصقاع الارض المختلفة ليسرقوا اراضي الفلسطينيين سيدفعهم للموازنة والاختيار بين هذه الدوافع المادية الاقتصادية من جهة او ان يكونوا عرضة للاختطاف على ايدى الفلسطينيين أصحاب الارض او حتى الموت…..وبما ان اغلب هؤلاء من المترفين والمرفهين في حياتهم فعلى الارجح ان هؤلاء سيختارون النجاة والعقلاء منهم سيبحثون عن مكان اخر لحياة اكثر امناً…..وهذا ما يخشاه المتطرفون في حكومة نتنياهو القائمة على احزاب الاستيطان وسرقة الاراضي.
مئات الشهداء والاف الجرحى في الجانب الفلسطيني هذا ليس جديداً وليست المرة الاولى التي يرتكب فيها الكيان الصهيوني مجازر دموية بحق ابناء شعبنا الاعزل من المدنيين في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية, فهذه طبيعته الاجرامية والارهابية فهو نشاً وترعرع على الارهاب والمجازر الدموية ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين وحتى الاجانب من اوروبيين وخصوصاً البريطانيين اللذين زرعوا هذا الكيان المجرم وتاريخ عصابات الارغون والهاجناه وشتيرن ما زال ماثلاً للاعيان وزعماء هذه العصابات من امثال مناحيم بيغن واسحق شامير وزئيف جابتونسكي وغيرهم مطلوبين للقضاء البريطاني والدولي بتهم ارتكاب جرائم ارهابية وصدرت بحقهم احكام قضائية ومذكرات اعتقال وتعاميم دولية للقبض عليهم.
الارهاب والقتل والدم والدمار, كل هذا ما عهدناه وعهده العالم اجمع من الاجرام والارهاب الصهيوني بحق اهلنا في فلسطين ولكن الجديد اليوم ان مقاربة الصراع مع الصهاينة تشهد فرض المقاومة الفلسطينية حقائق جديدة لن يقوى الصهيوني على تجاهلها في قادم الايام, بما في ذلك معادلة ردع ستجبر الصهيوني على التفكير اكثر مرة قبل الاقدام على اي محاولات جديدة لتدنيس المسجد الاقصى والمقدسات المسيحية أو التجرؤ على ارتكاب اي حماقات جديدة ضد االفلسطينيين ومقدساتهم, وان الزمن الذي كانت فيه قطعان العصابات الصهيونية الارهابية تقوم بهذه الاعمال بدون ثمن قد ولى بلا رجعة.
لكن الجديد الذي شهده المشهد الفلسطيني الصهيوني وبدل الكثير من ملامحه كان غطاء صاروخي كثيف قوامه حوالي 5000 الاف صاروخ لتأمين على تنفيذ عمليات اجتياح بري وانزال جوي وبحري خلف خطوط العدو الصهيوني وسيطرة قوات النخبة والمظليين الفلسطينيين على عدة بلدات ومواقع عسكرية وحيوية صهيونية ومشاهدة المقاومين وهم يتجولون بين عشرات الدبابات والاليات العسكرية التي وضعوا على بعضها شعاراتهم الوطنية, تدمير دبابات, اغتنام عربات عسكرية, قتل مئات الصهاينة دفعة واحدة من بينهم قادة وضباط عسكريين كبار من بينهم كولونيل قائد لواء وهذه سابقة تاريخية, اكثر من الف جريح عدد كبير منهم جراحهم خطيرة, اسر عشرات الجنود من بينهم مجندات وهذه سابقة ايضاً, احتجاز رهائن, اندلاع حرائق في المباني والعمائر السكنية والتجارية والشوارع والبلدات والمدن الصهيونية, عشرات السيارات تحترق, المطارات الصهيونية تخرج من الخدمة وكذلك عدد من المطارات العسكرية الصهيونية التي تم تدمير مدرجاتها مما عطل اقلاع الطيران العسكري, 5000 صواريخ في غضون دقائق معدودة, تدمير اهداف عسكرية صهيونية من الجو وهذه سابقة كذلك, مشاهد لمئات اللاجئين الصهاينة الهائمين على وجوههم في الطرقات والبراري بحثاً عن ملاذ امن, حالة من الهلع تسطير على المجتمع الصهيوني لدرجة ان بعض فصائل من الجيش الصهيوني تطلق النار على فصائل اخرى من الجيش نفسه وتوقع قتلى وجرحى كما حدث مساء السبت في عسقلان وفقاً لمصادر اعلامية صهيونية, السيطرة على مقر فرقة صهيونية بالكامل بعد قتل وجرح وأسر كامل اعضائها, مجلس الوزراء الصهيوني برئاسة نتنياهو الذي وصف هذا اليوم السبت 7 اكتوبر بأنه يوم اسود في تاريخ الكيان يقطع جلساته الذي عقدها لينصر شعبه ليهرب هو ووزراءه كالجرذان للاختباء في الملاجئ اثر هجوم صارخي قادم من غزة على تل ابيب وما حولها اوقع عدة قتلى وجرحى, اعلان حالة الطوارئ في الكيان الصهيوني لاول مرة في تاريخه, توثيق اعلامي مهني مذهل بالصوت والصورة لكل ما جرى لا اظنه يقل تأثيراً عن الاثر العسكري والسياسي, بالاضافة الى اثر نفسي مدمر دعا القطاعات الصهيونية المختلفة لتتنصل من المسؤولية عن هذا الاخفاق السياسي والاستخباري والعسكري وهذه المفاجأة الضخمة والتي وصفها قائد منطقة غزة في الجيش الصهيوني السابق قائلاً ان مفاجأة السابع من اكتوبر 2023 أكبر من مفاجأة السادس من نفس الشهر عام 1973, فيما وصفها الفريق قاصد محمود نائب رئيس اركان الجيش الاردني الاسبق بأنه “انجاز امني وعسكري واستراتيجي غير مسبوق وان عنصر المباغتة والمفاجئة تمثل عنصراً استراتيجياً طالما أقلق الصهاينة واثار مخاوفهم”…..هذه بعض اللقطات وعليكم تركيب الصورة المستجدة.
آخر الكلام:
• في حكم المؤكد ان المشهد الفلسطيني الصهيوني القاتم لن يكون كما كان قبل السابع من اكتوبر 2023 ومن المؤكد انه سيكون له ما بعده, وقطعاً هذا التاريخ شهد خلق وقائع وحقائق جديدة ستخلط اوراق اللعبة السياسية والامنية في الشرق الاوسط بأكمله, وربما الاهم انه على الارجح سيجعل الكثيرين بعدما رأوا أحذية ابطال غزة تدوس رؤوس الضباط والجنود الصهاينة (وهذا ما حصل فعلاً وليس مبالغة) يعيدون النظر في تقييمهم لوزن “الجيش الذي كانوا يعتقدون انه لا يقهر”, لأنه ببساطة ها هو يقهر امام اعينهم على شاشات التلفزيون وجنوده يساقون كالاغنام اسرى بالعشرات ودباباته والياته تحترق وبعضها وصل الى غزة ولكن هذه المرة كغنائم……!!!!!
• وبات في حكم المؤكد ان ابطال غزة أزحوا الستائر الثقيلة من حول قضيتهم والتي حاول الكيان الصهيوني لفها بها وازاحتها عن صدارة السياسة الاقليمية والدولية, وقام ابطال غزة بدفع قضيتهم الى واجهة الاحداث والاهتمام العالمي بعد ان حاول نتنياهو تهميشها وطمسها والتقليل من اهميتها طيلة حياته السياسية (والتي يبدو انها قاربت على نهاية غير مشرفة بفعل هذه العلمية النوعية), وقام أهل غزة بفرض قضيتهم على الاجندة الدولية بقوة.
• غزة تكتب اليوم صفحة جديدة في تاريخها المكلل بالغار مع الصهاينة عنوانها ارحلوا عن ارضنا وعن قدسنا وعن اقصانا وعن مهدنا وقيامتنا….لم نعد نحتمل رؤية قطعان عصاباتكم الارهابية تدنس مسجدنا وتبصق على كنائسنا ولم نعد نحتمل رؤية سحناتكم الغريبة عنا وعن هوائنا وطعامنا وشرابنا ولغتنا وديننا وقيمنا وعاداتنا وشرقنا وثقافتنا ولون بشرتنا ولون عيوننا وتاريخنا وهمومنا وشؤوننا وشجوننا وافراحنا واتراحنا…..فانتم ليسوا منا ونحن ليسوا منكم, اغربوا عن وجوهنا, اغتنموا هذه الفرصة ولملموا بقاياكم وارحلوا عن صدورنا وحلوا عن انفاسنا قبل ان يأتي وقت تتمنوا فيه لو رحلتهم….ووفقاً لكل المؤشرات الاقليمية والدولية يبدو ان هذا الوقت بات اقرب مما تظنون…..!!!!!.
• واخيراً, كرست حركة حماس بغض النظر عن الاختلاف او الاتفاق معها نفسها كلاعب رئيسي ورقم صعب في المعادلة الفلسطينية الصهيونية وعلى الارجح انه ستلقي بظلالها ما يطبخ اليوم في اروقة البيت الابيض للقضية الفلسطينية.
• رد الفعل الامريكي لم ولن يكن مفاجئأً, فالعملية تعتبر فشل استخباري امريكي قبل ان تكون فشلاً صهيونياً, فالرئيس الامريكي الحالي بادين هو من قال “ليس من الضروري ان تكون يهودياً لتكون صهيونياً, وتابع انا صهيوني”, وهو الذي قال “لو لم تكن اسرائيل موجودة لأوجدناها”, فماذا نتوقع من مثل هذا الشخص, والرد عليه بصواريخ على الكيان الصهيوني من قبل المقاومة فور القاءه مساء السبت كلمة ابدى خلالها تاييده المطلق للكيان الصهيوني كان رداً يستحقه وليذهب الى الجحيم فما قاله ليس جديداً فهو موقفه منذ القدم وموقف كل الادارات الامريكية الجمهورية والديمقراطية على حد سواء, وايضاً هذا الرجل فاشل في كل خياراته والدليل فشله المدوي في اوكرانيا ويبدو ان هذه العدوى وصلت الى الكيان الصهيوني, والخيار الأفضل للفلسطينيين ان يبحثوا في شرق الكرة الارضية عن بديل دولي للولايات المتحدة للمراهنة عليه في حل قضيتهم بحيادية وبعدل وانصاف.
• نتنياهو يقول في كلمته التي اعقبت كلمة بايدن انه سيقتل ويدمر وهذا متوقع لان هذه بضاعته التي يجيد تسويقها, وهذا سيشكل طوق نجاة له للتهرب من المسؤولية عن هذا الفشل السياسي والأمني والعسكري والانفجار الذي تسببت به حكومته واعضاءها المتطرفين ودفعهم تجاه التصعيد ضد الشعب الفلسطيني والاقتحام المتكرر للاقصى وتدنيس المقدسات بالاضافة الى انسداد الافق السياسي نظراً للتنكر الصهيوني للقرارات الدولية والحقوق الفلسطينية…..!
• يا اهلنا واشقائنا في كل مكان من هذا العالم…..افيقوا…..فاقد الشئ لا يعطيه….اصطفوا في الجانب الصحيح من التاريخ..!!