مؤامرات الاحتلال واغتيال هنيه المخطط له
كتبت علياء الهواري- عملت إسرائيل منذ وقت طويل على اتباع سياسة الإغتيالات ، للتخلص ممن تعتبرهم أعداءا ووجودهم يمثل خطورة ، وآخر تطبيق لتلك السياسة نجد ما حدث بالأمس من اغتيال السيد اسماعيل هنية قائد حركة حماس .
إن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق لفلسطين ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس ( اسماعيل هنية) قد يكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير ؛ فمن الممكن ان يؤدى ذاك الأمر إلى حروب إقليميه وايضا سوف يكشف ألاعيب العديد من الدول ونعرف من تحالف مع من ومن كان ضد من.
كان الاغتيال قد وقع فى تمام الساعه الثانية صباحا وكان حينها يقيم فى مقر خاص لقدامى المحاربين بطهران؛ بعد مشاركته فى احتفال تنصيب الرئيس الايراني الجديد مسعود بزشكيان.
وقيل انه قد قتل بصاروخ اطلق من دوله خارج إيران وليس من الأجواء الايرانية ؛ وهناك بعض الاقاويل الاخري ان الصاروخ جاء من بلده داخل إيران، وأيا كان مصدر الصاروخ سواء من داخل إيران أو من خارجها أو حتى من طائرة مقاتلة إسرائيلية ، فلا يخرج الأمر عن ضرورة وجود مساعدة وإرشاد على الأرض من عنصر مخابرات تابع للكيان الصهيوني ، وهي بذلك تعتبر محاولة إسرائيلية لكسر إرادة حماس والشعب الفلسطيني ، وقال “ابو زهري” احد قاده حماس ان ‘حماس فكرة والفكرة لا تموت بموت اصحابها’
ومن المعروف عن هنية انه الوجه الصارم على صعيد الدبلوماسية الدولية للحركة.
ونحن على علم انه منذ بدايه الحرب قد قتل ثلاثة من أبنائه فى غارة جوية إسرائيلية.
ومع ذلك كان لهنية دور فعال في بناء القدرات القتالية لحماس عبر عدة طرق، منها تعزيز العلاقات مع إيران التي لا تخفي دعمها للحركة. وخلال العقد الذي كان فيه هنية رئيسا لحركة حماس في غزة، اتهمت إسرائيل فريقه بالمساعدة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى الجناح العسكري للحركة، وهو ما نفته حماس.
وعندما غادر هنية غزة في 2017، خلفه يحيى السنوار الذي قضى أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية والذي رحب به هنية مجددا في غزة في 2011 بعد عملية لتبادل المحتجزين.
وبعد قليل من الحادث الأليم أعلنت قوات الاحتلال بشكل خفي على صحيفة معاريف انهم من وراء تلك العمليه .
كما صرح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي قائلا فى الصحف الفلسطينيه:
“استشهاد رئيس حركة حماس إسماعيل هنية ليس أمرًا غير متوقع في سياق المعركة الدائرة منذ عقود بين الشعب الفلسطيني ومنظمة الاحتلال الإرهابية؛ فالحركة في اشتباك مع أغدر وأخس عدو.
استشهاد قادة حماس يولد دائمًا جيلًا جديدًا حازمًا ومتمسكًا بالقضية، مما يجعل الحركة أقوى وأكثر إصرارًا.
القائد إسماعيل هنية ربح البيعة لله، وكان عزيزا على قلوب الملايين من أصحاب الضمير الحر، وأثبت بجدارة أنه رجل حق وموقف وملتزم بقضية شعبه وأنه بقي حتى اللحظة الأخيرة مدافعًا عن الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني.
رغم محنة الخسارة والألم، فإن استشهاد هنية سيظل دائمًا رمزًا للمقاومة والتضحية التي لا تقدر بثمن.
استشهاد القائد هنية يؤكد مرة أخرى أن القضية الفلسطينية لن تنكسر، وأن مقاومتها وصمودها سيبقيان حتى تحقيق الحرية والعدالة، سيظل إسماعيل هنية ورموز المقاومة الفلسطينية الأخرى في ذاكرة الشعب ومصدر عزة للأجيال القادمة….”
ومن ناحية أخرى ، فإن ما حدث بالأمس يجعلنا نسترجع أحداثا مشابهة قد حدثت فى الماضى ، فنستخرج من الذاكرة حادثة إغتيال الشيخ أحمد ياسين وإغتيال عبد العزيز الرنتيسى ( والذين تشابهت عمليات اغتيالهم كثيرا مع عملية اغتيال هنية في نفس الأسلوب ، وإن اختلفت الوسائل )، ومن قبلهم إغتيال السيد خليل الوزير “أبو جهاد ” فى تونس ، ومحاولة إغتيال خالد مشعل فى الأردن ، وسوف نتناول كل منهم بشكل سريع ومبسط .
الشيخ أحمد ياسين …
هو مؤسس حركة حماس ، والقائد الأول والروحى لها ، وعن اهميته فى وجدان المقاومة الفلسطينية ، فكان ذلك الشيخ القعيد يمثل بالنسبة للشعب الفلسطيني كله قيمة وقامة كبرى ، فمنه يستلهمون التحدى والصمود رغم الآلام والحبس والاعتقال الذى لم يتوانى الإسرائيليون عنه رغم ظروفه الصحية القاسية والتى تمثلت فى إصابته قديما فى العمود الفقرى أدت به إلى الشلل الذى اجلسه على كرسي متحرك طوال عمره، إضافة إلى باقى أمراض الشيخوخة التى كان يعانى منها ، ولكن ذلك لم يكن شفيعا له لمنع الإسرائيليين من اعتقاله فترات طويلة .
ونظرا لرأيه بضرورة الكفاح المسلح لمقاومة العدو الإسرائيلي، اعتبرته اسرائيل خطرا واجب التخلص منه ، فكانت هناك اكثر من محاولة لإغتياله
وانتهت بالمحاولة الأخيرة التى كانت بتاريخ 4 مارس 2004 ، أى منذ عشرين عاما فقط ، حيث أثناء خروج الشيخ أحمد ياسين من المسجد بعد صلاة الفجر ، اقترب منه عنصر تابع للإستخبارات العسكرية الإسرائيلية ” أمان” ، وكان واحد من عناصر ما يسمون بالـ”عصافير” ( الذين يعملون داخل الأراضى الفلسطينية متخفيين في مهام تجسسية ) ، ووضع ذلك العنصر جهاز تعقب وتحديد مواقع ، مما أعطى الفرصة لإحدى طائرات الأباتشى الإسرائيلية باستهداف مباشر للكرسى المتحرك وقتل الشيخ ياسين .
دكتور عبد العزيز الرنتيسى …
هو القائد الثانى فى حركة حماس ومؤسسها بجانب الشيخ ياسين ، وهو من تولي قيادتها بعد اغتيال الشيخ ياسين ، وكانت له شخصية قوية وحضور كبير فى الوجدان الشعبى الفلسطيني، ولم تقل خطورته على إسرائيل عن خطورة الشيخ أحمد ياسين ، إذ تعرض أيضا لمحاولة إغتيال بعد حوالى شهر من اغتيال الشيخ ياسين ، إذ أنه فى يوم 17 أبريل من عام 2004 ، وأيضا بمساعدة أحد عناصر العصافير ، تم وضع طلاء فوسفورى على سيارة الرنتيسى ، وكان من نوع معين يسهل على الطائرات الأباتشى إستهداف السيارة ، وهو ما حدث حيث انطلق صواريخ من أباتشى إسرائيلية وقال شهود عيان إن الرنتيسي كان يقود سيارته في أحد احياء غزة مع اثنين من مرافقيه عندما أطلقت مروحية إسرائيلية صواريخ على سيارته، وقتل مرافقا الرنتيسي في الهجوم وأصيب عدد من المارة.
خليل الوزير ” أبو جهاد”…
هو أحد مؤسسي حركة فتح ، وقائد الجناح العسكرى فيها ، وكان من اكبر الشخصيات المؤثرة فى سير المقاومة الفلسطينية بشكل عام ، إلى جانب الرئيس ياسر عرفات وباقى رموز حركة فتح .
ونظرا لخطورته على أمن إسرائيل ، فقد نفذت المخابرات العسكرية الإسرائيلية ” أمان ” عملية إغتيال للسيد خليل الوزير ، وذلك في مسكنه بالعاصمة التونسية ، وكانت عملية كبيرة نفذتها عناصر من الكوماندوز الإسرائيلي ، تم إنزالهم عن طريق البحر على ساحل مدينة تونس ، وكان المشرف على تلك العملية إيهود باراك ، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ، حيث استعارت اسرائيل طائرة مراقبة جوية وانذار مبكر من طراز أواكس E-2 هوك آى ، ومنها كان باراك يتابع العملية وينقل التفاصيل لإسرائيل عبر قمر صناعى امريكى تم وضعه فى خدمة تلك العملية .
وبعد تنفيذ الإبرار لعناصر الكوماندوز في منطقة غير مراقبة ، تم قطع التليفون عن المنطقة التى تتواجد بها فيلا أبو جهاد ، واقتحموا الفيلا بشكل صامت وغير ملفت ، وأثناء توجههم لمكتبه ، قتلوا الخادمة التى صادفت رؤيتها لهم ، وثم استل أبو جهاد سلاحه ونزل لمواجهتهم وتبادل معهم اطلاق النار حتى قتلوه أمام أبناءه وزوجته التى لم تتمكن من طلب النجدة نظرا لقطع خطوط التليفون ، وانسحبوا وتم انتهاء العملية .
خالد مشعل…
هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، ومن أهم العناصر القيادية داخل صفوف الحركة ، ويعتبر هو من أهم المرشحين لتولي مسئوليتها بعد اغتيال هنية .
وعن محاولة اغتياله ، فقد أمر بها رئيس الوزراء حينئذ بنيامين نتنياهو بتنفيذ عملية اغتيال هادئة وصامتة لخالد مشعل فى الأردن حيث يقيم ، وذلك ردا على عملية انتحارية حدثت يوم 30 يوليو عام 1997 عندما فجر ” انتحاريين “نفسهما بالقرب من سوق “محنايودا” في القدس، والنتيجة كانت سقوط 16 قتيلا اسرائيليا واصابة 187، وكانت حركة حماس تقف خلف هذه العملية. وعن تنفيذ تلك العملية ، فقد طلب نتنياهو من رئيس جهاز الموساد داني يتوم اعداد خطة لتنفيذ عملية الاغتيال ، وأن تكون هادئة وصامتة ولا تستدعى اى شوشرة ، ولا تترك أثرا يدل علي تورط إسرائيل ، فقد تم توقيع اتفاقية سلام ما بين إسرائيل والأردن ، وإسرائيل لا تريد خسارة تلك الإتفاقية بسبب تلك العملية .
وتم وضع الخطة والتى تتضمن سفر عدد 6 عناصر من كيدون وهى وحدة الإغتيالات التابعة للموساد ، وذلك بعد دراسة أفضل الطرق لإغتيال مشعل وهى حقنه بمادة مسممة خاصة من تصنيع الموساد ، وسافروا إلى عمان بجوازت سفر كندية مزورة ، وبعد دراسة تحركاته ، تم الاتفاق على وقت التنفيذ والذي يكون أثناء عودته للمنزل وهبوطه من السيارة ، حيث يقترب من أإثنان من افراد المجموعة ويقوم أحدهم بوخزه في يده بحقنة صغيرة للاطفال ، بحيث لا تشعره باثر الوخزة ،وحيتى إذا ما شعر بشيئ فلن تكون اكثر من مجرد لسعة بسيطة من حشرة .
ولكن ما حدث هو انه وأثناء اقتراب العنصرين من خلفه واستعدادهم للتنفيذ ، نادت عليه ابنته ، ورأى السائق منظر العنصرين الذي لم يكن مطمئنا فنادى عليه لتحذيره ، واثناء التفاته قاموا بوخزه خلف أذنه وهموا بالفرار ، وتابعه سائقه وأحد عناصر حماس الذى كان متواجدا بالصدفة ، وتم القبض علي المجموعة وتم تسليمهم للسلطات ، ونقل مشعل للمستشفى الملكى وذلك بعد معرفة الملك حسين بما حدث ، والذى قام بالاتصال بنتنياهو وأخبره بامكانية إلغاء اتفاقية السلام واعدام عناصر الموساد المقبوض عليهم ما لم يتم ارسال الترياق المضاد للسم المحقون به مشعل ، وهو ما حدث بالفعل ، حيث كانت في صحبة مجموعة التنفيذ طبيبة من الموساد وعها الترياق المضاد لعلاج أى من أعضاء المجموعة فى حالة تسممه بالخطأ ، وأثناء وجودها تم الاتصال بينها وبين قيادة لموساد حيث أمروها بالتوجه إلى أحد ضباط المخابرات الأردنية المتواجدين بالفندق محل اقامتها وأعطاءه الترياق المضاد .
بذلك نرى ان كل عملية اغتيال ماهي إلا خطة مدبرة وتتدخل بها دول أخرى ونتسائل الآن هل نرى رد فعل الجانب الايراني اتجاه الحادث ؟! فمن المتوقع ان ينتهي الأمر كما هو دون أى رد فعل .