جفاف القارة

القارة العجوز وسكرات الجفاف

جفاف هو الأسوأ منذ ٥٠٠ عام ،أنهار توقفت عن الجريان وبحيرات جفت منها المياه .
تبدل الحال في لحظة الغابات إحترقت واللون الأخضر صارَ بُرتقالياً وربما كل هذا هو البداية.

مياه الشرب قد تصبح نادرة في هذه الوديان ،حتى السفن التجارية ربما ستتوقف عن نقل البضائع ومعها تتبخر مليارات منَ الدولارات لكن لماذا كل هذا وما الذي يجري!؟

تسبب إرتفاع درجة حرارة الأرض الناجم عن التلوث بطقس حار ونشوب حرائق وجفاف في الأنهار وأزمات إقتصادية طاحنة .
تراجعت التساقطات الثلجية وتراجع حجم المياه المتدفقة من الجبال وإرتفع منسوب إستهلاك النباتات للماء بسبب الجفاف.
أرقام صادمة بسبب الجفاف في أوروبا ربما تفتح تساؤلات كثيرة أقَلُها القارة العجوز قد تموت عطشاً .

فهذا نهر الراين شريان حياة أوروبا وعمودَها الفقري في شبكة النقل المائي ، يجف بوتيرة أسرع من إبحار هذه السفن ،يرتبط نهر الراين بنهر الدانوب وجفافه يعني مزيداً من إعاقة حركة التبادل التجاري وتعثر نقل الفحم إلى محطة الطاقة الألمانية.

ألمانيا :
خفضت من حمولة السفن التجارية العابرة في النهر إلى النصف ولا يمكن تعويضها بالنقل بالشاحنات أو القطارات ،فحمولة سفينة شحن متوسطة في مياه الراين تعادل حمولة أكثر من ١١٥ شاحنة .
كل هذه العوامل وضعت أوروبا أمام أزمة الجفاف وأزمات إقتصادية طاحنة وتشير التوقعات إلى مزيد من الإنخفاضات في مستويات المياه في نهر الراين وهذا سيعني أزمة مدمرة تحول دون حركة السفن والشحن البحري.

فرنسا:
الوضع مأساوي فقد كان تدفق المياه في نهر نيلي بنحو ٨٠٠٠ ليتر في الثانية والآن وصل معدل التدفق إلى الصفر.
جَفَ نهر نيلي وتراكمت الأسماك الميتة على جانبيه وجفت بحيرة نهر دو فتراصت القوارب ولا يعلَم أصحابها متى الإبحار.

أما الكوارث البيئية الأكثر فتكاً فربما تظهر عند جفاف نهري الروت وغارون الفرنسيين وإرتفاع معدل دفء المياه فيهما لدرجة لا تسمح بتبريد مُفاعلات فرنسا النووية بشكل فعال ،كما تم فرض قيود صارمة على المياه ،قأكثر من مئة بلدية في فرنسا تعتمد مياه الشرب التي توفرها الشاحنات.

إيطاليا:
إنخفض منسوب نهر يو إلى أدنى مستوى له منذ ٧٠ عاماً كما أن وادي بو الإيطالي يُعد موطناً إلى ٣٠ بالمئة من الإنتاج الزراعي في البلاد وقد أَجبَر الجفاف مُزارعي الأَرُز على وقف الزراعة وأُعلنت حالة الطوارئ في مناطق إيطالية مسؤولة عن ثلث الإنتاج الزراعي وهي أكبر مساهم زراعي في الإتحاد الأوروبي.

إسبانيا:
أصبح مخزونها من المياه ٤٠ بالمئة وهو أدنى مستوى له بالتاريخ .
أما بلجيكا فقد سجلت أكثر سنة جافة في تاريخها منذ سنة ١٨٨٥.
في بريطانيا أعلنت الحكومة عن دخول ٨ مناطق بالبلاد في حالة جفاف حاد ولأول مرة في تاريخ البلاد جفت بعض منابع نهر التايمز الجاف الذي أصاب الأنهار في أوروبا قد يَشُل إقتصاد القارة العجوز فنحو ٨٠ مليار دولار قيمة البضائع التي تعبُر الأنهار والقنوات في القارة الأوروبية باتت مهددة كما أن ٤٦ بالمئة من أراضي أوروبا ،تعرضت للجفاف الحاد وأكثر من ثلثي مساحة القارة ربما يتحول لصحراء جرداء .
معانات كوكب الأرض من تغيرات مناخية قاسية وضعت البشرية في حيرة كبيرة بين موجات حَر وجفاف أنهار في دول أوروبية وسيول وأعاصير في مناطق أخرى .
فهل هي بداية نهاية القارة الخضراء أم أننا أمام تحديات ومشاكل نووية وبيئية وإقتصادية وزراعية وجفاف، وهل نحن أمام خارطة جيوسياسية وإقتصادية على حساب الشعوب وأمنهم الغذائي والبيئي والإقتصادي!؟

رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية.
عضو إتحاد الصحفيين الدوليين.

خالد زين الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *